فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأُثور:

قال السيوطي:
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)}
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت والعاديات بمكة، وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{إذا زلزلت} [الزلزلة: 1] تعدل بنصف القرآن {والعاديات} تعدل بنصف القرآن».
وأخرج محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن {والعاديات} تعدل نصف القرآن و{قل هو الله أحد} [الاخلاص] تعدل ثلث القرآن و{قل يا أيها الكافرون} [سورة الكافرون: 1] تعدل ربع القرآن».
وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الافراد وابن مردويه عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا فاستمرت شهرًا لا يأتيه منها خبر فنزلت {والعاديات ضبحًا} ضبحت بأرجلها ولفظ ابن مردويه ضبحت بمناخيرها {فالموريات قدحًا} قدحت بحوافرها الحجارة فأورت نارًا {فالمغيرات صبحًا} صبحت القوم بغارة {فأثرن به نقعًا} أثارت بحوافرها التراب {فوسطن به جمعًا} صبحت القوم جميعًا.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى العدو فأبطأ خبرها، فشق ذلك عليه، فأخبره الله خبرهم، وما كان من أمرهم فقال: {والعاديات ضبحًا} قال: هي الخيل، والضبح: نخير الخيل حتى تنخر {فالموريات قدحًا} قال: حين تجري الخيل توري نارًا أصابت بسنابكها الحجارة {فالمغيرات صبحًا} قال: هي الخيل أغارت فصبحت العدو {فأثرن به نقعًا} قال: هي الخيل أثرن بحوافرها يقول تعدو الخيل، والنقع الغبار {فوسطن به جمعًا} قال: الجمع العدوّ».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: تقاولت أنا وعكرمة في شأن العاديات فقال: قال ابن عباس هي الخيل في القتال، وضبحها حين ترخي مشافرها إذا أعدت {فالموريات قدحًا} قال: أرت المشركين مكرهم {فالمغيرات صبحًا} قال: إذا صبحت العدو {فوسطن به جمعًا} قال: إذا توسطت العدو.
قال أبو صالح: فقلت: قال علي: هي الإِبل في الحج، ومولاي كان أعلم من مولاك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: بينما أنا في الحجر جالس إذ أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحًا فقلت: الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم، فانفتل عني فذهب عني إلى علي بن أبي طالب وهو جالس تحت سقاية زمزم، فسأله عن العاديات ضبحًا. فقال: سألت عنها أحدا قبل؟ قال نعم. سألت عنها ابن عباس. فقال: هي الخيل حين تغير في سبيل الله. فقال: اذهب فادعه لي.
فلا وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك والله إن أول غزوة في الإِسلام لبدر، وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف يكون العاديات ضبحًا إنما العاديات ضبحًا من عرفة إلى المزدلفة، فإذا أدوا إلى المزدلفة أوروا إلى النيران {والمغيرات صبحًا} من المزدلفة إلى منى فذلك جمع وأما قوله: {فأثرن به نقعًا} فهو نقع الأرض حين تطؤه بخفافها وحوافرها.
قال ابن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله {والعاديات ضبحًا} قال: الإِبل قال إبراهيم: وقال علي بن أبي طالب: هي الإِبل.
وقال ابن عباس: هي الخيل فبلغ عليًا قول ابن عباس فقال: ما كانت لنا خيل يوم بدر.
قال ابن عباس: إنما كان ذلك في سرية بعثت.
وأخرج عبد بن حميد عن عامر قال: تمارى على وابن عباس في العاديات ضبحًا فقال ابن عباس: هي الخيل، وقال علي: كذبت يا ابن فلانة، والله ما كان معنا يوم بدر فارس إلا المقداد، وكان على فرس أبلق.
قال: وكان على يقول: هي الإِبل. فقال ابن عباس: ألا ترى أنها تثير نقعًا فما شيء تثيره إلا بحوافرها.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس {والعاديات ضبحًا} قال: الخيل {فالموريات قدحًا} قال: الرجل إذا أورى زنده {فالمغيرات صبحًا} قال: الخيل تصبح العدوّ {فأثرن به نقعًا} قال: التراب {فوسطن به جمعًا} قال: العدو {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {والعاديات ضبحًا} قال: قال ابن عباس في القتال، وقال ابن مسعود: في الحج.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس {والعاديات ضبحًا} قال: ليس بشيء من الدواب يضبح إلا كلب أو فرس {فالموريات قدحًا} قال: هو مكر الرجل قدح فأورى {فالمغيرات صبحًا} قال: غارت الخيل صبحًا {فأثرن به نقعًا} قال: غبار وقع سنابك الخيل {فوسطن به جمعًا} قال: جمع العدو.
قال عمرو: وكان عبيد بن عمير يقول: هي الإِبل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {والعاديات ضبحًا} قال: الخيل ضبحها زجرها ألم تر أن الفرس إذا عدا قال: أح أح فذاك ضبحها.
وأخرج ابن جرير عن علي قال: الضبح من الخيل الحمحمة ومن الإِبل النفس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {والعاديات ضبحًا} قال: هي الخيل تعدو حتى تضبح {فالموريات قدحًا} قال: قدحت النار بحوافرها {فالمغيرات صبحًا} غارت حين أصبحت {فأثرن به نقعًا} قال: غبار {فوسطن به جمعًا} قال: جمع القوم {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد {والعاديات ضبحًا} قال: الخيل ألم تر إلى الفرس إذا أحري كيف يضبح، وما ضبح بعير قط {فالموريات قدحًا} قال: المكر تقول العرب إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه: أما والله لأقدحن لك، ثم لأورين {فالمغيرات صبحًا} قال: الخيل {فأثرن به نقعًا} قال: التراب مع وقع الخيل {فوسطن به جمعًا} قال: جمع العدو {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية {والعاديات ضبحًا} قال: الخيل ألم ترها إذا عدت تزحر يقول تنحر {فالموريات قدحًا} قال: الكر {فالمغيرات صبحًا} قال: الخيل {فأثرن به نقعًا} قال: الغبار {فوسطن به جمعًا} قال: جمع المشركين {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {فالموريات قدحًا} قال: كان مكر المشركين إذا مكروا قدحوا النار حتى يروا أنهم كثير.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {فأثرن به نقعًا} قال: النقع ما يسطع من حوافر الخيل.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول:
عدمنا خيلنا إن لم تروها ** تثير النقع موعدها كداء

قال: فأخبرني عن قوله: {إن الإنسان لربه لكنود} قال: الكنود الكفور للنعمة وهو الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويجيع عبده.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
شكرت له يوم العكاظ نواله ** ولم أك للمعروف ثم كنودا

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود {والعاديات ضبحًا} قال: هي الإِبل في الحج {فالموريات قدحًا} إذا استفت الحصى بمناسمها تضرب الحصى بعضه بعضًا فيخرج منه النار {فالمغيرات صبحًا} حين يفيضون من جمع {فأثرن به نقعًا} قال: إذا صرن يثرن التراب.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء {والعاديات ضبحًا} قال: الإِبل {فالموريات قدحًا} قال: الخيل {فوسطن به جمعًا} قال: القوم {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب القرظي {والعاديات ضبحًا} قال: الدفعة من عرفة {فالموريات قدحًا} قال: النيران تجمع {فالمغيرات صبحًا} قال: الدفعة من جمع {فأثرن به نقعًا} قال: بطن الوادي {فوسطن به جمعًا} قال: جمع منى.
وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: الكنود بلساننا أهل البلد الكفور.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب والحكيم الترمذي وابن مردويه عن أبي أمامة قال: الكنود الذي يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما الكنود؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هو الكفور الذي يضرب عبده ويمنع رفده ويأكل وحده»
.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن قتادة والحسن في قوله: {إن الإنسان لربه لكنود} قال: الكفور للنعمة، البخيل بما أعطى، والذي يمنع رفده ويجيع عبده ويأكل وحده، ولا يعطي النائبة تكون في قومه، ولا يكون كنودًا حتى تكون هذه الخصال فيه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن الحسن {إن الإنسان لربه لكنود} قال: لكفور يعدد المصيبات وينسى نعم ربه عز وجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإنه على ذلك لشهيد} قال: الإنسان {وإنه لحب الخير} قال: المال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {وإنه على ذلك لشهيد} قال: الله عز وجل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وإنه على ذلك لشهيد} قال: هذه من مقاديم الكلام يقول وإن الله على ذلك لشهيد، وإن الإنسان لحب الخير لشديد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {وإنه لحب الخير} قال: هو المال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {وإنه على ذلك لشهيد} قال: الإنسان شاهد على نفسه {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور} قال: حين يبعثون {وحصل ما في الصدور} قال: أخرج ما في الصدور.
وأخرج ابن عساكر من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: «قال رجل يا رسول الله: ما العاديات ضبحًا؟ فأعرض عنه ثم رجع إليه من الغد فقال: ما الموريات قدحًا؟ فأعرض عنه، ثم رجع إليه الثالثة فقال: ما المغيرات صبحًا؟ فرفع العمامة والقلنسوة عن رأسه بمخصرته فوجده مقرعًا رأسه فقال: لو وجدتك حالقًا رأسك لوضعت الذي فيه عيناك ففزع الملأ من قوله، فقالوا يا نبي الله ولم؟ قال: إنه سيكون أناس من أمتي يضربون القرآن بعضه ببعض ليبطلوه ويتبعون ما تشابه ويزعمون أن لهم في أمر ربهم سبيلًا، ولكل دين مجوس، وهم مجوس أمتي وكلاب النار» فكأنه يقول: هم القدرية.
قال الذهبي في الميزان: البختري ضعفه أبو حاتم وأعله غيره وقال أبو نعيم: روي عن أبيه موضوعات. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في السورة الكريمة:

قال عليه الرحمة:
سورة العاديات:
قوله جل ذكره: بسم الله الرحمن الرحيم
{بسم الله} كلمة غيور لا يصلح لذكرها إلا لسان مصون، عن اللغو والغيبة، ولا يصلح لمعرفتها إلا قلب محروس عن الغفلة والغيبة، ولا يصلح لمحبتها إلا روح محفوظة عن العلاقة والحجبة.
قوله جلّ ذكره: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}.
{وَالْعَادِيَاتِ}: الخيلُ التي تعدو.
{ضَبْحًا} أي إِذا ضَبحن ضبحًا، والضبحُ: هو صوتُ أجوافها إِذا عَدَوْنَ.
ويقال: ضبحُها هو شِدةُ نَفسِها عند العَدْوِ.
وقيل: {وَالْعَادِيَاتِ}؛ الإبل.
وقيل: أقسم الله بأفراسِ الغزاة.
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}.
تورى بحوافرها النار إِذا عَدَتْ وأصابَتْ سنابِكُها الحجارة بالليل.
ويقال: الذين يورون النار بعد انصرافهم من الحرب.
ويقال: هي الأسِنَّة.
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}.
تُغِير على العدوِّ صباحًا.
{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}.
أي: هَيَّجْنَ به غبارًا.
{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}.
أي: تَوَسَّطْنَ المكان، أي: تتوسط الخيل بفوارسها جَمْعَ العَدُوِّ.
{إنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}.
هذا هو جوابُ القَسَمِ.
{لَكَنُودٌ}: أي لكَفُور بالنعمة.
{وَإِنَّهُ عَلَى ذَالِكَ لَشَهِيدٌ}.
أي: وإنه على كنوزه لشهيد.
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
أي: وإنه لبخيلٌ لأجل حُبِّ المال.
قوله جلّ ذكره: {أَفَلاَ يعلم إِذَا بُعْثِرَ مَا في الْقُبُورِ}.
أي: بُعِثَ الموتى.
{وَحُصِّلَ مَا في الصُّدُورِ}.
بُيِّنَ ما في القلوب من الخير والشرِّ.
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرُ}.
أفلا يعلم أن اللَّهَ يُجازيهم- ذلك اليومَ- على ما أسلفوا، ثم قال علي الاستئناف: {إِنَّ رَبَّهُم يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرُ}.
ويقال في معنى الكَنُود: هو الذي يرى ما إليه مِنْ البَلْوَى، ولا يرى ما هو به مِنْ النُّعْمَى.
ويقال: هو الذي رأسُه على وسادة النعمة، وقَلبُه في ميدان الغفلة.
ويقال: الكَنُود: الذي ينسى النِّعَم ويَعُدُّ المصائب.
وقوله: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَالِكَ لَشَهِيدٌ}، يحتمل: وإِنَّ اللَّهَ على حاله لشهيد. اهـ.